بعد أن نزلت الآية الأخيرة الباتة في تحريم الخمر، وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة:90) تساءل بعض الصحابة عن مصير إخوانهم، الذين كانوا شربوا الخمر، وماتوا قبل أن ينزل تحريم الخمر تحريماً قطعيًّا، فأنزل الله سبحانه قوله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} (المائدة:93).
نقف في هذه السطور على ما جاء من روايات تتعلق بنزول هذه الآية الكريمة:
الرواية الأولى: روى الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفَضِيخ -(الفضيخ) شراب يُتخذ من البُسر المفضوخ، من الفضخ: وهو كسر الشيء الأجوف، والبسر نوع من التمر- فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمت، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة -جمع سكة، وهي الطريق- فقال بعض القوم: قد قُتِلَ قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} الآية.
وفي رواية لأنس رضي الله عنه، قال: (كنت أسقي أبا عبيدة، وأبا طلحة، وأُبي بن كعب من فضيخ زَهْوٍ وتمر -(الزَّهْو) البُسْرُ الملون، يقال: إذا ظهرت الحمرة والصفرة في النخل، فقد ظهر فيه الزهو- فجاءهم آتٍ، فقال: إن الخمر قد حُرِّمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها؛ فهرقتها). وفي رواية: (إني لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل ابن بيضاء). وفي رواية لمسلم: (سمَّى منهم: معاذ بن جبل، وأبا أيوب الأنصاري).
الرواية الثانية: روى الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: (قالوا: يا رسول الله! أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر، لَمَا نزل تحريم الخمر؛ فنزلت: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
الرواية الثالثة: روى البزار في "مسنده" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: (اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قُتلوا شهداء يوم أُحُدٍ، فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قُتلوا، وهي في بطونهم؛ فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}. قال البزار: "وهذا إسناد صحيح". قال ابن كثير: "وهو كما قال، وفي سياقه غرابة". وسكت عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" مشيراً إلى تقويته. وقد قال أهل العلم: "وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وأصله في البخاري بلفظ: صَبَّحَ أُناسٌ غَدَاة أُحُدٍ الخمرَ، فقُتلوا من يومهم جميعاً شهداء، وذلك قبل تحريمها" ومعنى (صَبَّحَ) أي: شربوا في وقت الصباح. وقوله: (غداة أُحُدٍ) أي: صبيحة يوم غزوة أُحُدٍ.
وهذه الروايات الثلاث مضمونها واحد، والعمدة فيها حديث أنس رضي الله عنه الذي في "الصحيحين". وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث، وجعلوه سبب نزول هذه الآية، منهم: الطبري، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وابن عاشور.
قال السعدي: "لما نزل تحريم الخمر، والنهي الأكيد، والتشديد فيه، تمنى أناس من المؤمنين أن يعلموا حال إخوانهم الذين ماتوا على الإسلام قبل تحريم الخمر وهم يشربونها، فأنزل الله هذه الآية).
فتحصَّل مما تقدم أن سبب نزول الآية ما رواه أنس رضي الله عنه؛ لصحة إسناده، وموافقته للفظ الآية، واحتجاج المفسرين به، وتصريحه بالنزول.
نقف في هذه السطور على ما جاء من روايات تتعلق بنزول هذه الآية الكريمة:
الرواية الأولى: روى الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفَضِيخ -(الفضيخ) شراب يُتخذ من البُسر المفضوخ، من الفضخ: وهو كسر الشيء الأجوف، والبسر نوع من التمر- فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمت، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة -جمع سكة، وهي الطريق- فقال بعض القوم: قد قُتِلَ قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} الآية.
وفي رواية لأنس رضي الله عنه، قال: (كنت أسقي أبا عبيدة، وأبا طلحة، وأُبي بن كعب من فضيخ زَهْوٍ وتمر -(الزَّهْو) البُسْرُ الملون، يقال: إذا ظهرت الحمرة والصفرة في النخل، فقد ظهر فيه الزهو- فجاءهم آتٍ، فقال: إن الخمر قد حُرِّمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها؛ فهرقتها). وفي رواية: (إني لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل ابن بيضاء). وفي رواية لمسلم: (سمَّى منهم: معاذ بن جبل، وأبا أيوب الأنصاري).
الرواية الثانية: روى الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: (قالوا: يا رسول الله! أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر، لَمَا نزل تحريم الخمر؛ فنزلت: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
الرواية الثالثة: روى البزار في "مسنده" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: (اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قُتلوا شهداء يوم أُحُدٍ، فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قُتلوا، وهي في بطونهم؛ فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}. قال البزار: "وهذا إسناد صحيح". قال ابن كثير: "وهو كما قال، وفي سياقه غرابة". وسكت عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" مشيراً إلى تقويته. وقد قال أهل العلم: "وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وأصله في البخاري بلفظ: صَبَّحَ أُناسٌ غَدَاة أُحُدٍ الخمرَ، فقُتلوا من يومهم جميعاً شهداء، وذلك قبل تحريمها" ومعنى (صَبَّحَ) أي: شربوا في وقت الصباح. وقوله: (غداة أُحُدٍ) أي: صبيحة يوم غزوة أُحُدٍ.
وهذه الروايات الثلاث مضمونها واحد، والعمدة فيها حديث أنس رضي الله عنه الذي في "الصحيحين". وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث، وجعلوه سبب نزول هذه الآية، منهم: الطبري، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وابن عاشور.
قال السعدي: "لما نزل تحريم الخمر، والنهي الأكيد، والتشديد فيه، تمنى أناس من المؤمنين أن يعلموا حال إخوانهم الذين ماتوا على الإسلام قبل تحريم الخمر وهم يشربونها، فأنزل الله هذه الآية).
فتحصَّل مما تقدم أن سبب نزول الآية ما رواه أنس رضي الله عنه؛ لصحة إسناده، وموافقته للفظ الآية، واحتجاج المفسرين به، وتصريحه بالنزول.