على المقلب الآخر من العالم العربي حيث الدول العربية الشمال أفريقية نجد أن الاهتمام بالبيئة قد بدأ يرى النور وينشط. فالسودان، البلد الأكبر مساحة في أفريقيا، لديه غابات تغطي 19 بالمائة من مساحته ومراع تغطي 22 بالمائة. أما الأرض المستغلة زراعياً فهي فقط في حدود 5 بالمائة. تشغل المحميات حوالي 11.7 مليون هكتار، جلها في الجنوب. وكانت الحكومة السودانية قد أصدرت مرسوماً عام 1939 تجيز فيه إقامة محميات طبيعية وحدائق عامة كبيرة. ورغم أن المرسوم دعا إلى إقامة هذه المحميات في كل أجزاء البلاد فإن المناطق الصحراوية والساحلية ظلت حتى هذا التاريخ خالية منها. أشهر المحميات في السودان حديقة دندر العامة التي أقيمت عام 1935 وأُهملت زمناً حتى بدأت تعود إلى الحياة اليوم بمساعدة من الأمم المتحدة. وهذه المحمية – الحديقة العامة تقع على بعد 560 كيلومتراً إلى جنوب شرق الخرطوم على الحدود مع الحبشة وهي تمتد على مساحة 10290 كيلومتراً مربعاً. ويمر نهرا دندر ورهاد قربها. أنشئت داخلها 40 بركة كبيرة لتأمين مياه الشرب للحيوانات أثناء فصل الجفاف. تعيش في هذه المحمية مجموعة كبيرة من الأسود والفهود والشيتا (الفهد الصياد) والجواميس والضباع والخنازير البرية والفيلة. وهذه الأخيرة تأتي إلى هذه المحمية بأعداد كبيرة من المناطق المجاورة أثناء فصل المطر. أما أكثر حيوان تواجداً في المحمية فهو الرّباح، السعدان الأفريقي الآسيوي الضخم، الذي وصلت أعداده إلى مستوى لم يعد مقبولاً.
أما الأرانب البرية والسناجيب فتعيش على أطراف المحمية. في المحمية اليوم 27 نوعاً من الحيوانات اللبونة و200 نوع من الطيور والأسماك والأفاعي. نشير أخيراً إلى أن بعض الحيوانات التي كانت منتشرة في هذه المنطقة في زمن ما، قد انقرضت أو لم تعد تشاهد هنا. ومن هذه الحيوانات: وحيد القرن وفرس النهر (غابا مع مطلع القرن العشرين) وتمساح النيل (الذي كان كبير الأعداد حتى 1940). وغابت الزرافة منذ 1985.