عند بدأ ظهور نظام أندرويد بدأت الحرب ما بين نظامي التشغيل أندرويد و ios تشتعل، عندها كان المستخدمون يتجهون إلى جهاز أيفون بشكل أكبر وذلك بسبب سوء نظام أندرويد وقتها، فلم يمتلك نظام أندرويد وقتها إلا عدد قليل من التطبيقات مقابل طن من التطبيقات لنظام ios بالإضافة إلى عدد كبير من الخدمات التي كان يوفرها ios لم تكن موجودة ضمن أندرويد، أما الآن فقد اختلف الوضع بشكل كبير فنظام أندرويد يعتبر بأفضل حالاته، فلماذا هذا الاتجاه الهائل من المستخدمين إلى أجهزة أبل؟
أندرويد يملك الأرقام وأبل تملك النقود
وفقاً لتيم كول الرئيس التنفيذي لشركة أبل فإن 30% من الذين قاموا بشراء أجهزة أيفون ضمن الربع المالي الأخير قد تحولوا من استخدام أندرويد إلى أيفون، لكن لا يمكننا أن نقون أن هذه الأرقام دقيقة مئة بالمئة وهي بالتأكيد تحمل بعض المبالغة ضمنها.
ولكن تشير أرقام أخرى أن 26% من الأشخاص الذين قاموا بشراء iPhone 6s قد تحولوا من أندرويد، مقابل 12% سابقاً للأشخاص الذين قاموا بشراء جهاز iPhone 6 وكانوا يستخدموا أندرويد وقتها، ونسبة 23% للأشخاص الذين تحولوا من أندرويد لشراء جهاز iPhone 5s.
هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء الأشخاص هم الأعلى دخلاً من بين مقتني الأجهزة الذكية، وقد قاموا أيضاً بشراء العديد من الملحقات والتطبيقات الخاصة بأجهزة أيفون مما يجعلهم حبيسي استخدام هذا الجهاز لفترة طويلة كون هذه الملحقات لا تعمل مع أجهزة أخرى وهذا يعني عدم أمل عودتهم إلى أندرويد لفترة طويلة.
وكلنا يعلم أن الفارق ما بين عدد الأجهزة التي تبيعها أبل مقارنتاً بالأجهزة التي تباع وهي تعمل على نظام أندرويد كبير جداً، ولكن مع ذلك فإن العائد المادي الربحي لأجهزة أبل أكبر بكثير مقارنتاً مع أجهزة أندرويد والتي قد تكون في حالة خسارة لشركتها في بعض الأحيان، وهذا يعني أن أبل تستطيع أن تجتذب العملاء الأكثر قيمة مقارنتاً مع أندرويد، رغم التطور الكبير الذي شهده أندرويد والانتشار الهائل له، فماذا يحصل على أرض الواقع؟
ماذا قد يحصل في المستقبل؟
دعونا نلقي نظرة على صناعة الحواسيب الشخصية فشركة توشيبا صرحت إنها تأمل في بيع قطاع تصنيع الحواسيب PC الخاص بها بالإضافة إلى وجود قائمة طويلة من الشركات التكنلوجية التي تعجز عن تحقيق الأرباح ضمن هذا القطاع تحديداً، ويعود ذلك كون هذا القطاع مزدحم بالشركات بالإضافة إلى القيمة العالية للأجهزة التي تعتبر صعبة الاقتناء لعدد كبير من المستخدمين وهذا يؤدي إلى تراجع هذا القاطع بشكل كامل.
وتشير الإحصائيات أن متوسط أرباح أجهزة الحاسب في هبوط بشكل مستمر وأن المبيعات في تراجع أيضاً بنسبة 10% – 12% بالمئة سنوياً، مع ذلك فإن الحصة السوقية لأجهزة ماكنتوش تزداد بشكل ملحوظ وبنسبة أكبر من أي وقت مضى.
مع أن أجهزة ماكنتوش لا تختلف عن أجهزة الحاسب فهي تستخدم نفس رقاقات إنتل وغالباً ما تكون رقاقات أبطئ وتستخدم نفس RAM بالإضافة إلى نفس مساحات الهارد ديسك ضمن الحواسيب الشخصية والتي غالباً ما تقدمها نفس الشركات أيضاً، إذاً ما الذي يجعل أجهزة ماكنتوش أكثر انتشاراً؟ ببساطة تدور الفكرة حول نظام التشغيل وتكامله مع الخدمات التي تقدمها بالنهاية شركة واحدة، بالإضافة إلى الاسلوب التسويقي الذي يقدم منتج ذو قيمة أعلى وبشكل تصميمي مبهر يقدم توافقية عمل مميزة مما تسمح له باستهداف المستخدمين ذوي الدخل الأعلى وهذا ما يصب بمصلحة الشركة في النهاية.
وهذه الفكرة نفسها يمكننا نقلها إلى أندرويد وأبل، فأجهزة أندرويد غالباً ما تكون ذات مواصفات أعلى وأسرع وأكثر قوة من أجهزة أيفون ولكن مع ذلك فإن مبيعات أجهزة أيفون مرتفعة وهي تحقق أرباح مادية عالية لشركة أبل مقارنة مع أي شركة أخرى وهذا يعود لنفس السبب الذي يؤثر على أجهزة ماكنتوش، فأبل توفر كل الخدمات والتطبيقات بشكل متكامل مع الأجهزة بالإضافة إلى التسويق المميزة للأجهزة باسلوب تشويقي يدفع المستخدم لاقتناء أجهزتها وهو مقتنع أنها الأفضل.
ماذا يحدث إذاً؟
بالعودة مرة أخرى إلى الأرقام فقد شهد أندرويد في شهر فبراير الماضي انخفاض حاد في حصة الأرباح السوقية وصلت إلى 11% فقط، وهذه الحصة لا يتم تقاسمها بشكل متساوي بين الشركات المصنعة لأجهزة أندرويد أيضاً، حيث تشير بعض الاستنتاجات أن سامسونج تحقق 24$ في كل جهاز تبيعه ضمن أمريكا أما HTC فتحقق حوالي 1$ فقط وشركتي موتوريلا ولينوفو تخسر في كل جهاز تبيعه 3$.
ولا يمكننا أن نقوم أن أندرويد هو السبب فالنظام أصبح ضمن حالة من التكامل العالية وهو يقدم مجموعة كبيرة من الميزات التقنية والفنية الغير موجودة حتى ضمن ios ولكن ما يحصل هو أن الشركات التي تقوم بتصنيع أجهزة تستخدم نظام أندرويد لا تعرف كيف تستفيد من هذا النظام بالشكل الصحيح وكيف توظفه للربح من ما تنتجه وخصوصاً ضمن هذه المنافسة العالية الموجودة ضمن السوق.
ويمكننا أن نستثني من هذا الكلام شركة سامسونج كون الشركة هي أكبر تكتل موجود وهي تقدم عدد كبير من المنتجات في مجالات عدة، ولكن هذا لا يجعلها في مكانة مميزة أيضاً فبالنظر إلى قوة القسم بالبرمجي ضمن الشركة فنجد أنها ضعيفة نسبياً مقارنتاً بأبل ولكنها عرفت كيف تستفيد من ما تقدمه جوجل لسد هذه الثغرة نوعاً ما، وكانت السباقة بتقديم تقنيات جديدة بأسعار مميزة مما لفت انتباه المستخدمين إليها بشكل مناسب.
وبرأي فإن شركات تصنيع الأجهزة الذكية سوف تذهب بالنهاية إلى التوقف مثل شركات تصنيع الحواسيب وهذا ما نشهده بالفعل مع بعض الشركات مثل HTC وستبقى كعكة الأرباح تتقاسمها شركة أبل وسامسونج فقط حالياً وكون الشركات المنافسة لم تتمكن حتى الآن من حل شيفرة الدخول إلى السوق بالطريقة المناسبة.