في أواخر سورة الأنعام يُخبر سبحانه عباده أنه من يعمل عملاً صالحاً يُكتب له أجر عشرة أعمال صالحة، ومن يعمل عملاً سيئاً يُكتب له سيئة واحدة، وأنه سبحانه لا يظلم أحداً، يقول جل شأنه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون} (الأنعام:160) نذكر فيما يلي ما ورد في سبب نزول هذه الآية.
أخرج أصحاب السنن إلا أبا داود عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صيام الدهر) فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} اليوم بعشرة أيام. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد انفرد ابن كثير من بين جمهور المفسرين برواية الحديث عند تفسيره للآية.
وقد ساق الطبري بإسناده قريباً من ذلك عن الربيع بن أنس رضي الله عنه، قال: (نزلت هذه الآية {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وهم يصومون ثلاثة أيام من الشهر، ويؤدون عُشْر أموالهم، ثم نزلت الفرائض بعد ذلك: صوم رمضان، والزكاة).
والظاهر أن نزول الآية ليس له صلة بصيامهم؛ ولهذا لم يذكر جلُّ المفسرين هذا الحديث، ومما يؤيد هذا ما تبين من وهم عاصم الأحول -أحد رواة الحديث- فقد خالفه أناس أثبت منه وأحفظ، كما تبين من دراسة إسناد الحديث.
وثمة أمر ثالث ذكره ابن عاشور؛ حيث أشار إلى ارتباط الآية بما قبلها، فقال بعد ذكر الآية: "من عادة القرآن أنه إذا أنذر أعقب الإنذار ببشارة لمن لا يحق عليه ذلك الإنذار، وإذا بشَّر أعقب البشارة بنذارة لمن يتصف بضد ما بشَّر عليه، وقد جرى على ذلك ها هنا؛ فإنه لما أنذر المؤمنين وحذرهم من التريث في اكتساب الخير قبل أن يأتي بعض آيات الله القاهرة بقوله: {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (الأنعام:158) فحدَّ لهم بذلك حدًّا هو من مظهر عدله، أعقب ذلك ببشرى من مظاهر فضله وعدله، وهي الجزاء على الحسنة بعشر أمثالها، والجزاء على السيئة بمثلها".
وتأسيساً على ما تقدم يمكن القول: إن الآية لم تنزل بسبب الحديث المذكور؛ وذلك لعلِّة إسناده، ولإعراض أكثر المفسرين عن ذكره، ولارتباط الآية بما قبلها.
* مادة المقال مستفادة من كتاب (المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة)
أخرج أصحاب السنن إلا أبا داود عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صيام الدهر) فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} اليوم بعشرة أيام. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد انفرد ابن كثير من بين جمهور المفسرين برواية الحديث عند تفسيره للآية.
وقد ساق الطبري بإسناده قريباً من ذلك عن الربيع بن أنس رضي الله عنه، قال: (نزلت هذه الآية {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وهم يصومون ثلاثة أيام من الشهر، ويؤدون عُشْر أموالهم، ثم نزلت الفرائض بعد ذلك: صوم رمضان، والزكاة).
والظاهر أن نزول الآية ليس له صلة بصيامهم؛ ولهذا لم يذكر جلُّ المفسرين هذا الحديث، ومما يؤيد هذا ما تبين من وهم عاصم الأحول -أحد رواة الحديث- فقد خالفه أناس أثبت منه وأحفظ، كما تبين من دراسة إسناد الحديث.
وثمة أمر ثالث ذكره ابن عاشور؛ حيث أشار إلى ارتباط الآية بما قبلها، فقال بعد ذكر الآية: "من عادة القرآن أنه إذا أنذر أعقب الإنذار ببشارة لمن لا يحق عليه ذلك الإنذار، وإذا بشَّر أعقب البشارة بنذارة لمن يتصف بضد ما بشَّر عليه، وقد جرى على ذلك ها هنا؛ فإنه لما أنذر المؤمنين وحذرهم من التريث في اكتساب الخير قبل أن يأتي بعض آيات الله القاهرة بقوله: {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (الأنعام:158) فحدَّ لهم بذلك حدًّا هو من مظهر عدله، أعقب ذلك ببشرى من مظاهر فضله وعدله، وهي الجزاء على الحسنة بعشر أمثالها، والجزاء على السيئة بمثلها".
وتأسيساً على ما تقدم يمكن القول: إن الآية لم تنزل بسبب الحديث المذكور؛ وذلك لعلِّة إسناده، ولإعراض أكثر المفسرين عن ذكره، ولارتباط الآية بما قبلها.
* مادة المقال مستفادة من كتاب (المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة)